كيف ينظر أطفالنا إلى رمضان ؟!

29/03/2022
تحميل المقال
كيف ينظر أطفالنا إلى رمضان ؟!

   الواقع أن الأطفال يتفاوتون في نظرتهم لرمضان وما يحمله من معان في حياتهم وآخرتهم ، بحسب ما ينالونه من ( التعبئة ) قبل رمضان وأثناءه ، وما كان عوَّدهم عليه أهلوهم ، وبقدر ما عليه الآباء والأمهات من الثقافة والاهتمامات .


    فثمةَ من الأطفال من يعتبر رمضان موسم ( تسمين ) واكتناز ( خبرات ) في أنواع المأكولات ، وخاصةً إذا شاهد أن جلب المواد الغذائية إلى البيت في رمضان يفوق أيَّ شهرٍ آخر ، في أنواعها وكمياتها وغير ذلك .


    وبات رمضان عند أطفال آخرين ذا مدلول مرتبط بما يُعرض عبر الشاشة من أفلام الأطفال (المدبلجة ) أو ( المسلسلات ) التي يقوم عليها من تأزهم أنفسهم الآمرة بالسوء إلى أن يخصُّوا بها الشهر الفضيل .


    وعند آخرين أنه تحول في مواعيد النوم ليكون الليل نهاراً والنهار ليلاً ، تبعاً لما يعيشه أهل البيت ، إلى آخر ما هنالك من القائمة .


       وثمة أطفال ينظرون لرمضان على أنه فرصةٌ لتدريب النفس على المشاق ، واختبارُ مدى صبرها ، لِيُثْبِتُوا في نهاية كل يوم أنهم يَدْرُجُون في مراقي الفتوة والقوة والعزة ، ليصبحوا في مصاف الرجال الذين يُعتمد عليهم ، وليقرروا أنهم على استعداد لحمل أمانة التكاليف الشرعية بكل قوة . وقد نال هذا الصنف حظَّه وافراً من صلاة التراويح ومن قراءة القرآن وإتمامه مرةً وأكثر .


    والفرق بين الفريقين :


    هو ما قام في نفوس ذويهم من هَمِّ التربية والتوجيه ، أو التساهل بذلك . 


    وهذا الذي كان سلفنا الصالح يدركونه ، وكانوا تعظم عنايتهم به في تربية أطفالهم ، ألا وهو: التوجيه العملي والتدريب المتدرج .


    وهذا ما أخبرت عنه الرُّبَيِّعُ بنتُ مُعَوذ ـ رضي الله عنها ـ من أنَّ الصحابة كانوا يصومون ـ تعني عاشوراء ـ ويصوِّمون صبيانهم الصغار ، وأنهم كانوا يجعلون للأطفال اللُّعبة من العِهْن (الصوف ) فإذا بكى أحدُهم على الطعام أعطوه إياه عند الإفطار . رواه البخاري ومسلم .


    وفي لفظ عند مسلم عن خالد بن ذكوان قال : سألتُ الرُّبِيِّعَ بنت معوذ عن صوم عاشوراء ، قالت : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رُسُلَهُ في قرى الأنصار … الحديث وفيه أنها قالت : ونصنع لهم اللعبة من العِهْن ، فنذهب به معنا ، فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم .


   قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ : وفي هذا الحديث : تمرين الصبيان على الطاعات ، وتعويدهم العبادات ، ولكنهم ليسوا مكلَّفين.


    نسأل الله تعالى أن يَهَبَ لنا من لَدُنه رحمةَ ، إنه هو الوهاب ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.